هناك … على شاطئ بحر طبرية … وجّه الرب سؤالاً مهمًا إلى قلب سمعان بن يونا، إلا أن هذا السؤال الدهري ما زال صداه الداوي يرنّ في قلوبنا نحن مؤمني القرن الحادي والعشرين.
سؤال قديم … لكنه جديد ! سؤال سهل … لكنه محرج ! سؤال لطيف … لنه مرهب !
لم يقل الرب، يا سمعان بن يونا، أتخدمني؟ أو تضحي لأجلي ؟ أو أتعرف كلمتي ؟ لكنه سأل عن الأهم، والأساس، والدافع، والمحرك : " يا سمعان بن يونا ، أتحبني ؟ " لأنه إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارًا.
" أتحبني أكثر من هؤلاء " … بعد أن عصفت بك رياح التجارب والمحن … وبعد اجتيازك أزمات صعبة ومواقف محرجة … يا سمعان ، هل ما زلت تحبني؟ " نعم يارب، أنت تعلم أني أحبك ". ليته يكون جواب كل منا . فإذا سألنا الرب :
" أتحبني ؟ … بعد حصولك على الشهادات العالية والعلوم الكثيرة؟ … بعد ارتقائك إلى مراكز اجتماعية مرموقة؟ … بعد تمتعك بهذه البحبوحة المادية والعائلية ؟
أتحبني ؟ … رغم ابتعاد العالم عني وانجرافهم وراء الملذت؟ … رغم كثرة مشغولياتك ومتطلبات الحياة؟ … رغم وجودك في الأزمنة الصعبة بين تيارات عنيفة؟ …
أتحبني؟ … في عصر بردت فيه من محبة الكثيرين ؟ … في عصر ضعف فيه الإيمان وقل ؟ … في عصر يرتد فيه قوم عن الإيمان؟
ماذا تجيب ؟ لن يطلب الله منك أن تخدمه وترعى غنمه وتعمل فى حقله، ما لم يجد له فيك قلباً كاملاً يفيض بالمحبة نحوه … ما لم يجدك تعيش الوصية الأولى والعظمى في الناموس : " تحب الرب إلهك من كل قلبك ، ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ، ومن كل فكرك".
ليس من ميزان آخر لحياتك الروحية سوى ميزان محبتك للرب.
" إن أحبني أحد يحفظ كلامي" … " الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني" …
لنحب الرب ، لأنه وحده صاحب الحق بكامل عواطفنا، ومستحق أن يملك على عروش قلوبنا، ولنصرخ بكل جوارحنا مع رسول المحبة، الذي امتلأ قلبه وفاض لسانه، وشحنت حياته بالمحبة : " نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً" . وليكن جوابنا القلبي في كل حين وبالرغم من كل صعوبة:
" يا رب أنت تعلم كل شيء . أنت تعرف أني أحبك ".